
المسار الديمقراطي السوري
بيان حول الأحداث الأخيرة في الساحل السوري
تشهد مناطق الساحل السوري تصاعداً خطيراً في أعمال العنف والانتهاكات، بدأته فلول النظام التي رفضت إجراء التسوية أو التي غادرت البلاد، حيث تم تسجيل جرائم قتل طالت العديد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى سقوط ضحايا من عناصر قوات الأمن. إن هذه الأحداث المأساوية، التي تأتي في ظل استمرار حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي، تعكس غياب أي استراتيجية حقيقية لحماية أرواح المدنيين، وتؤكد الحاجة الملحة لإيجاد حل شامل ينهي دوامة العنف والانقسام في سوريا.
إن المسار الديمقراطي السوري يدين بشدة جميع أعمال القتل والعنف، سواء التي استهدفت المدنيين أو قوات الأمن، ويؤكد أن استمرار مثل هذه الجرائم يهدد النسيج الاجتماعي، ويُعيد إنتاج العنف والكراهية، بدلًا من وضع أسس لحل سياسي مستدام. إن الدم السوري واحد، وأي محاولة لاستغلال هذه الأحداث في تأجيج الصراعات أو استخدامها كذريعة لمزيد من القمع والتضييق السياسي، ستؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل البلاد.
إن نظام بشار الأسد المجرم لم يكن يوماً ممثلاً لطائفة بعينها، بل استخدم جميع الطوائف والأعراق والفئات الاجتماعية حسب مصالحه، لتثبيت حكمه وضمان بقائه في السلطة. لقد وظّف التناقضات والانقسامات الداخلية، ولجأ إلى سياسات القمع والإرهاب، مستخدماً أبناء جميع المكونات وقوداً لحروبه، بينما كان يسعى فقط إلى تعزيز سلطته المطلقة. إن محاولاته المستمرة لخلق الفتن الطائفية، ولتوظيف طائفة ضد أخرى، وتعميق الانقسامات، لم تكن إلا جزءاً من استراتيجيته للبقاء، دون أي اعتبار لمصير سوريا وشعبها.
لقد أثبتت التجربة أن اللجوء إلى الحلول الأمنية والقمعية لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، كما أن عدم محاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات يعزز حالة الفوضى وغياب القانون. إن الطريق الوحيد نحو الاستقرار هو تبني نهج مدني شامل يعالج جذور الأزمة السورية، ويضع حدًا للتوترات والانقسامات التي تهدد مستقبل البلاد.
إننا نؤمن بأن إطلاق حوار وطني شامل هو السبيل الوحيد لوقف النزيف المستمر في سوريا، ووضع حد للعنف الذي يدفع ثمنه جميع السوريين. يجب أن يكون هذا الحوار حقيقياً، لا شكلياً، وأن يضمن مشاركة جميع الأطراف دون إقصاء أو تهميش، بهدف إعادة بناء الدولة على أسس المواطنة المتساوية، واحترام الحقوق، وسيادة القانون.
إننا في المسار الديمقراطي السوري ندعو كافة القوى السياسية والمجتمعية إلى إدانة جميع أعمال العنف والانتهاكات، بغض النظر عن الجهة التي تقف وراءها والعمل على تعزيز قيم المواطنة، وسيادة القانون، ومواجهة خطاب الكراهية والانقسام والضغط من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في جرائم القتل والانتهاكات، وفق آليات قانونية شفافة ومستقلة.
إن حماية المدنيين واحترام الحياة الإنسانية هي أولاً وقبل كل شيء مسؤولية الدولة وهي في الوقت نفسه مسؤولية وطنية وأخلاقية لا يمكن التهاون بها. إننا نؤكد أن بناء سوريا الجديدة لا يمكن أن يتم إلا من خلال نهج سياسي ومدني قائم على الحوار، العدالة، والمشاركة المجتمعية والسياسية الفاعلة، وليس عبر العنف أو القمع. إن مستقبل سوريا لا يُبنى بالدم، بل بالتفاهم والتعاون من أجل وطن يتسع للجميع.
المسار الديمقراطي السوري
8 مارس 2025