
المسار الديمقراطي ومهامه
بعد هروب الطاغية وسقوط نظام الاستبداد، تعيش سوريا لحظة تاريخية مفصلية، خاصة في ظل سيطرة وتفرّد “هيئة تحرير الشام” وحلفائها من الفصائل الإسلامية بالسلطة، وتنصيب أحمد الشرع نفسه رئيسًا مؤقتًا لفترة غير محددة، مع تكليفه لنفسه شخصيًا بتشكيل الحكومة الانتقالية واللجنة الدستورية تحت شعار “من يحرر يقرر”.
هذا المشهد يثير قلق ومخاوف جميع السوريين، ليس فقط بسبب طبيعة النظام الذي يتبلور باتجاه واضح نحو الحكم الديني الاستبدادي، ولكن أيضًا بسبب خياراته التي قد تدفع البلاد نحو مسارات خطيرة، أبرزها:
- الانقسام الحاد بين المشروع الوطني الديمقراطي والمشروع الديني السلطوي.
- إقصاء القوى السياسية والمدنية من المشهد، وفرض واقع جديد.
- محاولة فرض رؤية أحادية للحكم تتجاهل التنوع السوري وتلغي مبدأ الشراكة الوطنية.
في ظل غياب أي حوار مع القوى السياسية، بل إقصائها وتهميشها وربما حتى منعها تمامًا، فإن هذا التوجه ينذر بمستقبل مظلم، حيث تتحول سوريا من استبداد سياسي إلى استبداد ديني، دون أي ضمانات للحريات العامة والخاصة.
إن المخاوف المشروعة اليوم تتمثل في فقدان الحريات السياسية والمدنية. فبعد التخلص من الاستبداد، من حق السوريين أن يعيشوا في ظل قانون عادل يحمي حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وأهمها:
- حرية الرأي والتعبير دون خوف من القمع والملاحقة.
- حرية تشكيل الأحزاب والتجمعات السياسية للمشاركة في رسم مستقبل البلاد.
- حق الاحتجاج السلمي ، بما يساهم في إنهاء الكارثة الوطنية التي تعيشها سوريا على كافة المستويات.
فلا يمكن القبول بعودة أي شكل من أشكال الاستبداد، سواء بوجهه القديم أو بصيغة جديدة، مهما كانت المبررات. السوريون دفعوا أثمانًا باهظة من أجل حريتهم، ولا يمكن بعد كل هذه التضحيات التنازل عن أي حق أساسي ناضلوا من أجله، وقدموا في سبيله مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمفقودين.
إن إعادة بناء سوريا لا يمكن أن تتحقق دون مشاركة جميع أبنائها وقواها السياسية، فإعادة الإعمار ليست مجرد عملية مادية واقتصادية، بل هي مشروع وطني شامل يتطلب أولا إعادة بناء الذات ومن ثم:
- حوارات ولقاءات وطنية شاملة تشمل جميع القوى السياسية والمجتمعيه تؤدي الى توافقًا سياسيًه وبما يحقق مشاركة جميع السوريين في رسم مستقبلهم.
- التأسيس لمرحلة انتقالية ديمقراطية تقطع مع الاستبداد بكل أشكاله.
في مواجهة الخطر الحقيقي المتمثل في ترسيخ سلطة استبدادية دينية بطابع جديد، ومع الإصرار على إقصاء القوى السياسية والمجتمعية من الحياة العامة، تأتي الحاجة إلى تنظيم المسار الديمقراطي كإطار جامع يهدف إلى:
- تنظيم صفوف القوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية وتعزيز دورها السياسي.
- الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان في سوريا المستقبل.
- تمكين القوى المدنية والسياسية من لعب دورها في رسم مسار البلاد.الهيئة التنفيذية
اليوم تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الأحزاب والشخصيات والقوى الديمقراطية، وتتجسد هذه المسؤولية في:
- التوحد حول أهداف واضحة ومشتركة تمنع استفراد أي طرف بالسلطة.
- خلق جبهة ديمقراطية موحدة تكون قادرة على مواجهة التحديات الحالية.
- المشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل سوريا، عبر رؤية سياسية تستند إلى الحرية والعدالة والديمقراطية.
لا خيار للسوريين إلا بناء دولة ديمقراطية تعددية، يكون فيها الجميع شركاء في صنع القرار، وتُحترم فيها حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وبناء على ما ورد، إن المسار الديمقراطي هو ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية لمنع إعادة إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، ولضمان بناء سوريا حرة وديمقراطية، يكون فيها لكل السوريين مكان، دون إقصاء أو تهميش.
الهيئة التنفيذية
المسار الديمقراطي السوري
2 شباط 2025