
زمن سوري جديد
طيّ صفحة الاستبداد بأشكاله كافة إلى الأبد
يشكِّل سقوط نظام الأسد، بعد عقود من القمع الوحشي، لحظة تاريخية في حياة الشعب السوري الذي تحمَّل معاناة هائلة، وأظهر إصرارًا غير عادي في سعيه لتحقيق الكرامة والحرية والعدالة، وأنهى نظامًا إجراميًا مارس جميع الموبقات، من الاعتقال والتعذيب والقتل إلى القصف والتشريد والحرمان من أبسط مقومات الحياة الطبيعية.
نحن أمام حدث مدهش يُعيد تشكيل البشر والأشياء، ويرسم مشهدًا جديدًا في سوريا والمنطقة، ويجعل سورية والسوريين تحت العين الدولية، ولا شكَّ أنَّ هذا الحدث أكبر كثيرًا من أي فصيل سياسي أو عسكري، إنه حدث بمقاس الشعب السوري كله الذي أسقط فكرة الواحدية والأبدية إلى الأبد، فهنيئًا لشعبنا بهذا الانتصار العظيم.
لا شك أنَّ هناك تساؤلاتٍ عند جميع السوريين في كلِّ مكان، داخل سورية وخارجها، حول ما يجري ومداه، وحول المستقبل، وهناك أيضًا مشاعر مختلطة عند الجميع، تنوس بين التفاؤل والتخوّف، وكلُّها تساؤلات ومشاعر طبيعية ومشروعة بعد المحطات العصيبة والخيبات المتكرِّرة التي مرَّت على الشعب السوري. لكن المهم أنَّ الساعة السورية بدأت تدق بعد أن كانت معطلة.. اليوم يبدأ زمن سوري جديد كلُّنا مسؤولون عنه نجاحًا أو إخفاقًا، وكلُّنا أمل أن يكون خيرًا للسوريين جميعهم.
أيها الشعب العظيم؛
يدرك جميعنا أنَّ سقوط نظام الأسد ليس كافيًا لتأمين السلام والحرية والكرامة، فهو خطوة أولى في طريق طويل نحو التغيير الوطني الديمقراطي وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، ولذلك نرى في هذه اللحظة المفصلية ضرورة إنجاز المهمات الآتية:
1. استمرار الحكومة الحالية (حكومة الجلالي) في عملها لتسيير أمور السوريين وصون مقدرات البلاد ومؤسساتها إلى حين تأليف حكومة تكنوقراط من شخصيات مستقلة تؤدي أعمالها لمدة عام بعد إجراء مشاورات مع أوسع طيف ممكن من القوى والشخصيات السورية.
2. عقد مؤتمر وطني سوري في دمشق، بهدف الانخراط في حوارٍ وطني واسع لتأمين مرحلة انتقالية حقيقية وسلسة تضمن مشاركة الشعب السوري بشكلٍ حقيقي، وتضمن له الوصول في نهاية هذه المرحلة إلى دستورٍ جديدٍ وانتخابات ديمقراطية نزيهة يقرِّر فيها مصيره بنفسه.
3. تشكيل اللجنة الوطنية العليا للعدالة الانتقالية لمحاسبة المتورطين في الجرائم المرتكبة، وإتاحة الفرصة لجميع السوريين لمعرفة الحقيقة بشأن مصير المعتقلين والمفقودين.
4. جمع السلاح تحت إشراف مجلس عسكري سوري مؤلف من ضباط سوريين منشقين، ومن الفصائل العسكرية، ومن ضباط الجيش السوري الذين لم يتورطوا بالدماء، ومن قوات سوريا الديمقراطية المعروفين بانتمائهم السوري.
5. التوجه إلى مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية للمساعدة في حماية السيادة السورية وضمان سلامة الأراضي السورية، والوقوف ضد أي تدخلات خارجية، ولا سيَّما العدوان الإسرائيلي الذي استغلَّ اللحظة الراهنة وانتهك اتفاق عام 1974 والقانون الدولي، عاملًا على تجريد سورية من أيِّ قوة عسكرية واحتلال أراض جديدة من الجولان السوري.
لقد آن الأوان لينعم الشعب السوري بالحياة الكريمة التي يستحقها، وأن يساهم جميع أبنائه وبناته في رسم مستقبل زاهر يسوده الأمن والاستقرار والرخاء، ولذلك ندعو السوريين والسوريات، داخل سوريا وخارجها، إلى الوقوف صفًا واحدًا، والانتظام في بنى سياسية ومدنية وثقافية، لنبني بلدنا كما نحب ونريد ونشتهي، لنبني سورية الحرية والكرامة والعدالة، سورية التي يحظى جميع أبنائها وبناتها بالحقوق والواجبات نفسها، سورية الدولة الوطنية الديمقراطية، القوية والمستقلة، سورية القادرة على أداء دورها الحضاري والإيجابي في محيطها العربي، وفي العالم.
دمشق 10 كانون الأول/ ديسمبر 2024
للتوقيع على البيان يرجى ضغط الرابط التالي هنا.